يشق شدقه، قال تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}، أعاذنا الله من الذنوب والفضيحة، ولو لم يكن فيها إلا هذا المقدار لكان كافياً في الردع والازدجار.

وكذلك يعرف أهل الخير والطاعة بسيماهم، كالشهيد يبعث وكلمه يدمى؛ اللون لون دم، والريح ريم مسك، وكالمحرم يبعث ملبياً، وفي رواية ملبدا، ومن هذا المعنى أن هذه الأمة يبعثون غرا محجلين من أثر الوضوء يعرفهم من رآهم أنهم من أمة النبي صلى الله عليه وسلم.

وأعلم أن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله عمله في أحسن صورة وأطيب ريح، فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا إلا أن الله قد طيب ريحك وأحسن صورتك، فيقول: كذلك كنت في الدنيا أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا اركبني اليوم، قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا، } وأن الكافر يستقبله في أقبح صورة وأنتن ريح، فيقول: هل تعرفني؟ فيقول لا إلا أن الله تعالى قبح صورتك، ونتَّن ريحك، فيقول: كذلك كنت في الدنيا أنا عملك السيء، طالما ركبتني في الدنيا وأنا اليوم أركبك، قال تعالى: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ}.

الخامس: قال الله سبحانه: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}؛ يعني أنه ينادي على صخرة بيت المقدس؛ وهي أقرب موضع من الأرض إلى السماء، يقول: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، واللحوم المتمزقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.

واعلم أن الحشر على أربعة أوجه: اثنان في الدنيا، واثنان في الآخرة، أما الأول من الذيْنِ في الدنيا فهو المشار إليه في الدنيا بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}، كان أول حشر حشروا في الدنيا إلى الشام. قاله الزهري وغيره. والثاني منهما: ما رواه مسلم والبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يحشر الناس على ثلاثة طرائق راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا (?)؛ وهذا الحشر في الدنيا وهو آخر أشراط الساعة كما في الحديث، (وآخر ذلك نار تخرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015