{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}؛ أي في الصور لتكون الصيحة أعظم، والنفخة الثانية للبعث من غير نقر؛ لأن المراد إرسال الأرواح من ثقب الصور إلى أجسادها، لا تنفيرها من أجسادها، وفي حديث علي بن معبد الطويل عن أبي هريرة: (فينفخ فيه ثلاث نفخات، الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين (?))؛ يعني نفخة البعث.
الثالث: أعلم أن الناس يبعثون على ما ماتوا عليه، روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يبعث كل عبد على ما مات عليه (?))، وروى البخاري عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا أراد الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم يبعثون على نياتهم (?))، وروى أبو داود عن عبد الله بن عمر، أنه قال: يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو، فقال: يا عبد الله إن قتلت صابرا محتسبا بعثت صابرا محتسبا، وإن قتلت مرائيا مكاثرا بعثت مكاثرا، على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله بتلك الحال (?)). نقله الثعالبي. قال: والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
الرابع: قال الغزالي: إن المعاني في الآخرة تستتبع الصور ولا تتبعها. انتهى. فلكل صاحب ذنب علامة يعرف بها، فالغادر ينصب له لواء عند استه يوم القيامة يشتهر بها على جميع العوالم هناك، وشاهد الزور يبعث مدلعا لسانه بالنار، وآكل الرِّبا يتخبط مثل صاحب الجنون في الدنيا، والذي يطلب وليس بذي حاجة ليس في وجهه مزعة لحم، والنائحة لها سربالان سربال من جرب والثاني من قطران، وحابس الزكاة إن كانت إبلا بطح لها بقاع قرقر فجاءت أوفر ما كانت تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها وإن كانت غنماً مثل ذلك، إلا أنه قال: تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، وإن كان ماله ذهباً أو فضة مثل له شجاع أقرع، والمتكبرون يبعثون مثل الذر، وآكل أموال اليتامى ألسنة النار تخرج من منافس جسده، وشارب الخمر الكوز معلق في عنقه، والكذاب