إن خالف ما أجمع عليه فعقوبته واجبة ويبعد درءها عنه بالجهل لتكذيبه ذلك لانتصابه للفتيا؟ وإن خالف المشهور فكذلك بعد التقدم إليه في العودة لتعلق كل من الخصمين في العمل له بالمشهور: وإن حمل السائل على الشاذ في العبادة ونحوها مما لم تتعلق به خصومة فكذلك لأنه غش في أمر ديني فعقوبته أكثر وأوجب من عقوبة الغاش في الأمور المالية انتهى. ثم قال اليزناسني بعد كلام وقد قدمنا عن المازري عقوبة من ليس بأهل للفتيا ولعله جار في فتياه على الطريق والمنهج الشرعي فكيف بمن ذكر في السؤال في خطإه وجرءته انتهى والنصوص على تأديب المفتي دون أهلية كثيرة ومن أتلف بفتواه فإن كان مجتهدا فلا شيء عليه بشرط أن يبذل جهده ويستفرغ وسعه في طلب الحق، وأما إن قصر فهو متعد. والظاهر أن المراد بالمجتهد هنا من هو أعلم من المطلق والمقيد وإلا فقال المازري يضمن ما أتلف، ويجب على الحاكم التغليظ عليه وإن أدبه فأهل إلا أن يكون تقدم له اشتغال بالعلم فيسقط عنه الأدب وينهى عن الفتوى إذا لم يكن أهلا، ونقل البرزلي عن الشعبي أنه يضمن وهذا عندي في المفتي الذي يجب تقليده المنتصب، وأما غيره فكالغرور بالقول ويجري على أحكامه.
فتحصل أن المفتي المنتصب لذلك يضمن وأما غير المنتصب ففيه قولان انتهى. وتنقض أحكام القاضي إن كان بهذه المنزلة لكونه غير متأهل للقضاء ولو عوقب لكان أهلا لأن ذلك قادح في عدالته ومشعر بتساهله وقلة مبالاته وتحفظه وفي العميري على العمليات الفاسية أن الإنسان يجتهد لنفسه فيعمل بالمتفق عليه في المذهب فإن لم يجد فالقوي من الخلاف، ويقدم الراجح في مذهبه على غيره ويقدم الراجح الخارج عن المذهب على الشاذ في المذهب ثم يعمل بالشاذ ولا يخرج عن أقاويل العلماء، فإن قيل كيف يتصور وجود شاذ بدون قوي يقابله فالجواب أن معنى كونه لم يوجد أنه لم يجد سبيلا إلى العمل بالقوي لتعذره أو تعسره عليه لا أنه لم يجده أصلا انتهى. وقال الشيخ الأمير حاصل ما في الحطاب أن من أتلف بفتواه مجتهدا لا يضمن ومقلدا يضمن إن انتصب أو تولى فعل ما أفتى فيه وإلا فغرور قول لا ضمان فيه ويزجر وإن لم يتقدم له اشتغال بالعلم أدب. فأجبت الفاء عاطفة سببية تفيد عدم التراخي المضر بالسائل لأن خير الخير أعجله يقال سألت فلانا كذا متعديا إلى اثنين أي طلبته فأجابني أو أجاب سؤالي، وفي الحديث