تقام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي الرجل طويلا قبل أن يكبر (?))، وأما الكلام بعد الإحرام، فقد نص ابن رشد على أنه مكروه. نقله الحطاب في المحل المذكور. قال: إلا أن يكون فيه تشويش على غيره من المصلين، فيحرم.
وبما ذكرناه تعلم أن ما ذكره السنهوري صحيح على ظاهره. انتهى. وقوله: "وكلام بعدها للصلاة"، نص المصنف على جوازه دفعا لقول عطاء ومجاهد: إن الخطبة بدل من الركعتين؛ أي الأخيرتين لو لم تكن جمعة، فلم يجز الكلام بعد الخطبة للفراغ من الصلاة؛ لأن من تكلم حينئذ بمنزلة من تكلم في صلب الصلاة.
وخروج كمحدث بلا إذن؛ يعني أن من طرأ له حدث في الخطبة، أو ذكره، أو رعاف، أو نحو ذلك من الأمور المبيحة للخروج من الجامع، فإنه يجوز له أن يخرج من غير أن يستأذن الإمام الأعظم أو نائبه إن كان موجودا، لا إمام المسجد؛ لأنه غير معتبر. ومصب الجواز قوله: "بلا إذن"؛ أي وجاز لكالمحدث عدم الاستئذان في الخروج؛ لأن الخروج من أصله واجب. قاله غير واحد. وقال الشيخ عبد الباقي: "بلا إذن"، من الخطيب، وعبارة الشيخ الأمير: وخروج كمحدث بلا إذن الإمام، هذا محط الجواز، وأصل الخروج للوضوء واجب. انتهى.
وإقيال على ذكر قل سرا؛ يعني أنه يجوز للشخص والإمام يخطب الإقبال على فعل ذكر قليل، وينطق به سرا، فعلم منه أن المراد بالذكر: ذكر اللسان؛ لأن السر إنما يكون باللسان. قاله الشبراخيتي. وأخفى من السر حديث النفس، وبه فسر قوله عز وجل: {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}، وقوله: "وإقبال على ذكر قل سرا"، ليس مما استوى فعله وتركه، بل تركه أولى. قاله الحطاب، والشبراخيتي، والخرشي. وأما قول عبد الباقي: إنه مندوب، فقال محشيه محمد بن الحسن: صوابه أن يقول: تركه مندوب كما في المدونة، ونصها: ومن أقبل على الذكر في نفسه شيئا يسيرا والإمام يخطب فلا بأس وترك ذلك أحسن، وأحب إلي أن ينصت ويستمع. انتهى.