فللدجاجة ريش ... لكنها لا تطير

وقال أبو حيان:

أمدعيا علما وليس بقارئ ... كتابا على شيخ به يسهل الحزن

أتزعم أن الذهن يوضح مشكلا ... بلا موضح كلا لقد كذب الذهن

وإن الذي تبغيه دون معلم ... كموقد مصباح وليس له دهن

وقال ابن العريف:

من لم يشافه عالما بأصوله ... فيقينه في الشكلات ظنون

الكتب تذكرة لمن هو عالم ... وصوابها بمحالها معجون

والفكر غواص عليها مخرج ... والحق فيها لؤلؤ مكنون

واعلم أن العارف إما مجتهد مطلق بأن اجتمعت فيه صفات المجتهد وتوفرت فيه شروطه المقررة في أصول الفقه ومن هذا وصفه يجب عليه الفتوى بما أداه إليه اجتهاده واقتضته أدلته ولا يقلد غيره، وإن تعارضت الأدلة أفتى بالراجح عنده فإن لم يترجح شيء فقيل يتساقطان وقيل يخير، وبالغ الشاطبي في إبطاله. وإما مجتهد مقيد بأن يتخلف فيه بعض شروط الاجتهاد المطلق ولكن عنده آلات الاجتهاد المقيد بالمذهب بأن يكون متبحرا في الاطلاع على نقول المذهب متفقها فيها عارفا بمطلقها ومقيدها وعامها وخاصها مستحضرا لكلام الشيوخ الراسخين في العلم المعتنين بالكلام عليها الشارحين لها متقنا لمعرفة قواعد إمامه ومداركه وهي أدلته التي بنى عليها مذهبه ومستنداته في استنباط الأحكام الشرعية. وعنده من علم أصول الفقه وعلوم العربية من لغة ونحو وبيان ومن ثقوب الفهم ما قدر به على التصرف في المذهب فهذا هو مجتهد المذهب تجب عليه الفتوى بنصوص المذهب بالمتفق عليه منها وبالراجح من المختلف فيه، وإليه النظر في الترجيح بحصول آلاته عنده فإن استوى القولان أو الأقوال فهل يحمل المفتي مستفتيه على معين من المتساويين فأكثر، أو يحكي له ما في المسألة ويخبره بالقائلين فيختار هو لنفسه، وينبغي أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015