وفيها يجوز أصرحها خارجه؛ أي المسجد؛ يعني أن الإمام قال في المدونة: يجوز طرح القملة خارج المسجد، فقوله: "طرحها"؛ أي القملة التي دخلت تحت الكاف، ففيه عود الضمير على مذكور. واستشكل؛ يعني أن ما في المدونة من أنه يجوز طرح القملة خارج المسجد استشكله الشيوخ؛ لأنه من التعذيب، وذكر أبو الحسن حرمته لأنها تصير عقربا قل من تلدغه إلا مات. قد مر أنه يكره طرح القملة في المسجد حية. أو يمنع، والحكم أنه يصرها حية في طرف ثوبه، وطرحها فيه بعد قتلها المكروه حرام، وصرها بعد قتلها فيه ارتكاب مكروه قتلها فيه. وحرم رمي قشر القملة في المسجد لنجاسة ميتتها، ورمي قشر البرغوث ونحوه حرام إن لزم منه تعفينه، وإلا كره. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ الأمير عاطفا على المكروه: وقتل كبرغوث بمسجد بصلاة وبغيرها، وحرم قتل قمل بصلاة، وأبطل إن كثر بالزيادة على ثلاث، وحرم تقذير بمائع وإن بطاهر كتعفين بيابس نجس، وكره بطاهر. انتهى.

ولما أنهى الكلام على مكروهات الإمام أتبعه بالكلام على شيء من الجائزات، فقال: وجاز اقتداء بأعمى؛ يعني أنه يجوز الاقتداء بالأعمى (لاستنابته صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة في غزواته بضع عشرة مرة يؤم الناس (?))، وفي الصحيح: (أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه؛ وهو أعمى (?))، وهل إمامة البصير أفضل أو العكس أو هما سواء؟ أقوال، والراجح الأول كما نص عليه القرافي، فالمصنف أطلق الجواز على خلاف الأولى. ابن رشد: إنما لم ير مالك بكون الأعمى إماما راتبا بأسا من أجل أن حاسة البصر لا تعلق لها بشيء من فرائض الصلاة ولا سننها ولا فضائلها، ثم قال: وكذلك سائر الحواس الخمس لا تعلق لها بشيء من الصلاة حاشا السمع، فإن الأصم لا ينبغي أن يتخذ إماما راتبا؛ لأنه قد يسهو فيسبح به فلا يسمع فيكون ذلك سببا لإفساد الصلاة، وإنما كَرِهَ أن يتخذ الأعمى إماما راتبا من كرهه من أجل أنه قد يتوضأ بماء غير طاهر ويصلي بثوب نجس وأما نقصان الجوارح فله تعلق بالصلاة، ولذلك اختلف في إمامة الأشل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015