أي إنما يصلون بأحد المساجد الثلاثة أفذاذا حيث دخلوه، فإن لم يدخلوه صلوها خارجه جماعة إن أمكنهم ذلك، ولا يؤمرون بدخوله حينئذ ويصلون أفذاذا، فإن لم تمكنهم الصلاة خارجه جماعة فإنهم يطالبون بدخوله ويصلون أفذاذا، ففي المفهوم تفصيل. وبحث ابن عرفة فيما ذكر بأن الصلاة في أحد المساجد إن كانت أفضل ترجحت مطلقا وإلا فالعكس، وأجاب عنه الشيخ عبد الباقي بما لم يلُح لي وجهه والله سبحانه أعلم. وفي الترغيب والترهيب عن ابن خزيمة: أن تضعيف الصلاة بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم خاص بالرجال، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم لأم حميد؛ امرأة أبي حميد: (صلاتك في قعر بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي (?)). وبَوَّبَ عليه ابن خزيمة، فقال: باب اختيار صلاة المرأة في حجرتها على صلاتها في دارها، وصلاتها في مسجد قومها على صلاتها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. انظر الحطاب. وقد مر توجيهي لقول المصنف: "إن دخلوها"، وقال الشيخ عبد الباقي، وغيره: وزاد قوله: "إن دخلوها"، مع أن الاستثناء يفيده لئلا يتوهم أنه منقطع، وأنهم مطلوبون بالصلاة بها أفذاذا، وإن لم يدخلوها وليس كذلك حيث كانوا يصلون بغيرها جماعة، وإلا طولبوا بدخولها وصلاتهم أفذاذا، ففي مفهوم الشرط تفصيل. انتهى.

وقتل كبرغوث بمسجد؛ يعني أنه يكره قتل برغوث، وقملة، وبق، وذباب، ونحوه بالمسجد ولو في صلاة، وإلقاء القملة فيه حية كقتلها، قال الإمام مالك: أكره قتل القملة والبرغوث في الصلاة. انتهى. ويجوز إلقاء البرغوث حيا في المسجد، ومثله ما يشبهه من بق ونحوه. وقوله: "وقتل كبرغوث" الخ، هذا إذا قل، وإلا حرم لأنه يقذر المسجد وتقذيره حرام كتعفينه. قاله الشيخ إبراهيم. وذكر المواق: أن طرحها في المسجد حية لا يجوز لأنها تتعلق بالناس فتوذيهم، ومفهوم مسجد جواز قتلها خارجه، وإذا قتلها فليحسن قتلها لقول مالك: إلقاء القمل في الماء أو النار مُثْلَة: والماء أخف إن كان لضرورة. قاله الشيخ إبراهيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015