مجالس الأنصار وهم يبكون فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منا فدخل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبره قال: فخرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد عصب على رأسه حاشية برد قال فصعد النبي المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم -فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: "أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم" (?).
قال في النهاية: "قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كرشي وعيبتي" أراد أنهم بطانته وموضع سره وأمانته، والذي يعتمد عليهم في أموره، واستعار الكرش والعيبة لذلك لأن المجتر يجمع علفه في كرشه، والرجل يضع ثيابه في عيبته وقيل: أراد بالكرش الجماعة أي جماعتي وصحابتي، يقال عليه كرش من الناس أي جماعة، والعرب تكنى عن القلوب والصدور بالعياب لأنها مستودع السرائر كما أن العياب مستودع الثياب" (?).
وفي القاموس: "والعيبة -أي بفتح العين المهملة وسكون التحتية وفتح الموحدة فهاء تأنيث-: زنبيل من أدم وما يجعل فيه الثياب، ومن الرجل موضع سره" انتهى (?).
وفضائل الأنصار كثيرة ومناقبهم غزيرة ومآثرهم شهيرة رضي اللَّه عنهم أجمعين.
ثم قال الناظم -مشيرًا إلى المهاجرين رضي اللَّه عنهم وأخرهم وإن كانوا مقدمين على الأنصار في الفضيلة لضرورة النظم- (والهاجرون ديارهم) وأموالهم حبًا للَّه ورسوله ولإعلاء كلمة اللَّه ونصرة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.