ونصوص الصحابة في ذلك كثيرة جدًّا تخرج عن حد الإحصاء كل ذلك يدل دلالة ظاهرة واضحة على أن القوم ما اعتقدوا قرآنًا سوى هذا الذي هو حروف منظومة وآيات معلومة وكذلك من بعدهم من أهل الإسلام وكلامهم في هذا كثير جدًّا. قال الإِمام الموفق في البرهان: وما علمت أحدًا جحد كون هذا قرآنًا سوى هذه الطائفة ثم إنهم قد أجمعوا مع المسلمين على أنهم متى تلو آية قالوا: قال اللَّه كذا وقول اللَّه هو كلامه.
وأجمع المسلمون على أن القرآن يقرأ ويسمع ويحفظ ويكتب وهذه الصفات لا تعلق لها بما لم ينزل إلينا مما لم ندر ما هو، وأجمعوا على أن القرآن أنزل على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنه معجزته التي تحدى بها اللَّه تعالى الخلق الإتيان بمثله فعجزوا عنه، وأجمعوا على أن في القرآن ناسخًا ومنسوخًا, ولا تعلق لذلك بالكلام النفسي، وأجمعوا على أن من جحد سورة من القرآن أو آية أو كلمة أو حرفًا متفقا عليه أنه كافر (?).
قال أبو نصر السجزي: (?) هذه حجة قاطعة على أنه حروف وأجمع المسلمون على أن القرآن لم ينزل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جملة واحدة وإنما نزل نجومًا في ثلاث وعشرين سنة، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا