"بِرُّ الْوَالِدَيْنِ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 527، م: 85].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم يؤتى بما بعده، وجزم بعضهم بتنوينه لأنه معربٌ غير مضاف، وتعقِّب بأنه مضاف تقديرًا، والتقدير: ثم أيّ العمل أحب؟ فيوقف عليه بلا تنوين، كذا ذكر الشيخ.
وقوله: (بر الوالدين) كذا للأكثر، وللمستملي (ثم بر الوالدين) بزيادة (ثم).
وقوله: (حدثني بهن) هو مقول عبد اللَّه بن مسعود، وفيه تقرير وتأكيد بسماعه.
وقوله: (ولو استزدته) والظاهر أن المراد: من هذا النوع، وهي مراتب أفضل الأعمال، قال الشيخ (?): ويحتمل أن يريد من مطلق المسائل المحتاج إليها، وفي رواية الترمذي (?): (فسكت عني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولو استزدته لزادني)، فكأنه استشعر منه مشقة، وفي رواية مسلم: (فما تركت أستزيده إلا إرعاء عليه) أي: شفقة عليه لئلا يسأم، كذا قال الشيخ، وبمكن أن يكون عدم الاستزادة رعاية للأدب، وترك السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد.
واعلم أنه قد اختلفت الأحاديث في بيان أفضل الأعمال كما ورد أن خير أعمال الإسلام إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام، وأن أفضل الأعمال أن يسلم المسلمون من يده ولسانه، وأن أحب الأعمال إلى اللَّه أدومها، وأن الذكر خير الأعمال، وأن أفضل الأعمال جهاد لا غلول فيه وحجة مبرورة، وقد ورد: أحسن العمل وأجمله حج مبرور، وأمثال ذلك، ومحصل ما قال العلماء في تطبيقها: إن اختلاف الجواب لاختلاف السائلين، بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات، فالجهاد في ابتداء الإسلام أفضل