. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هو أصل التيمم أيضًا للترجيح لا أنه قياس في مقابلة النص، وهكذا الحال في الدلائل العقلية في مذهبنا يذكر لترجيح بعض الأحاديث على بعضها، والخصوم يزعمون أنها قياسات في مقابلة النص، ولا شك أن القياس على الوضوء أقرب من القياس على حد السرقة.
فإن قلت: التعارض على تقدير أن تكون الأحاديث متساوية في المرتبة، والمحدثون حكموا أن أحاديث الضربتين والمرفقين غير مذكورة في الصحاح، قلنا: عدم ذكرها في الصحاح محل بحث كما نقلنا عن الحاكم والدارقطني، على أن عدم صحتها وقوتها في زمن الأئمة الذين استدلوا بها محلُّ مثع، إذ يحتمل أن تطرق الضعف والوهن فيها بعدهم من جهة لين بعض الرواة وضعفهم الذين رووها بعد زمن الأئمة، فالمتأخرون من المحدثين الذين جاؤوا بعدهم أوردوها في السنن دون الصحاح، ولا يلزم من وجود الضعف في الحديث عند المتأخرين وجوده عند المتقدمين، فرب حديث كان صحيحًا عندهم لقوة الرواة الذين كانوا عندهم، ثم تطرق الضعف لضعف بعض الرواة الذين رووه بعدهم، مثلًا رجال الإسناد في زمن أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه- كان واحدًا إن كان -رضي اللَّه عنه- من التابعين أو اثنين أو ثلاثة إن لم يكن منهم كانوا ثقات من أهل الضبط والإتقان، ثم روى ذلك الحديث من بعده من لم يكن في تلك الدرجة، فصار الحديث عند علماء الحديث مثل البخاري ومسلم والترمذي وأمثالهم ضعيفًا، ولا يضر ذلك في الاستدلال به عند أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه-، فتدبر.
وهذه نكتة جيدة قد أفيضت بفضل اللَّه على هذا العبد الضعيف سامحه اللَّه في رد من يتكلم في بعض الأحاديث التي تمسك به أئمتنا المتقدمون -رحمهم اللَّه- هذا تحقيق المقام، واللَّه أعلم وبيده أزمة المرام.