بالشرف الباذخ (?)، والفضل العظيم، وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين، هداة طريق الحق، ومحيي علوم الدين، أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، شهادةً بها طلعتْ شمسُ الهدايةِ من أُفُقِ العِنايةِ، وأَسْفَرَ صبح السعادة من أُفُقِ سَمَاءِ العِبَادَةِ.
أمّا بعد:
فإن أولى ما يعتني به أرياب الهمم العالية في طلب الكمالات والسعادات، وأهم ما يصرف في تحصيله نقود الأعمار والأوقات، علمُ الدين الذي يرفع اللَّه الذين أُوتوه مراتب ودرجات، ويكشف به عنهم العَمَى، ويحفظهم عن الرَّدَى، ويهديهم إلى الهُدَى، ويعصمهم عن الضَّلالة، ويخرجهم من الظلمات، وأفضلُ العلوم وأشرفُها وأعلاها وأسناها علمُ التفسير والحديث، فكلاهما الأصل المقصود بالذات، وما سواهما من العلوم وسائل إليهما وآلات، أو فروع لهما ونتائج وثمرات، وعلم الحديث هو المرجع والمآل، أو هو بيان وتفسير لكتاب اللَّه المتعال، إذ أحكام الكتاب كلُّها كلِّيَّات، ومجملات ومبهمات، والسنة تُبَيِّن جزئياتِها، وتُفَصّل مجملاتِها، وتُعَيِّن كيفياتِها وكَمِّيَّاتِها، وهيئاتها وصفاتها، وسائر الأوضاع والأحوال للحرام والحلال. وأعلى العلماءِ قدرًا ورُتبةً، وأعظمُهم شرفًا ومنزلةً، وأنبأهم شأنًا ومكانًا، وأقواهم حجةً وبرهانًا، علماءُ هذا العلم الشريف، وخُدَّام هذا الجناب المنيف، فأقدمهم وأسبقهم وأفضلهم أصحابُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ورضي عنهم ومن بعدهم من التابعين، وتبعِ التابعين، والثقاتِ والحفّاظِ، وأئمةِ المحدّثين، حَمَلَةِ السنّة، ورُوَاةِ الحديثِ، وحُمَاةِ الدين، رحمة اللَّه عليهم أجمعين.