فقال سبحان اللَّه! لم فعلت ذلك؟ فقال أبي: وأنت يا أبا زكريا لو مشيت من الجانب الآخر لانتفعت به، من أراد الفقه فليشم ذنب هذه البغلة.
وقال أحمد بن حنبل: ما أعلم أحدًا أعظم منة منه على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي، وإني لأدعو له في أدبار صلاتي: اللهم اغفر لي ولوالدي ولمحمد بن إدريس الشافعي.
وقال الحسين بن محمد الزعفراني: ما قرأت على الشافعي من الكتب شيئًا إلا وأحمد بن حنبل شاهد.
قال الشافعي: ما طلب أحد العلم بالتعمق وعز النفس فأفلح، ولكن من طلبه بضيق اليد وذلة النفس وخدمة العلماء أفلح.
وقال: ما ناظرت أحدًا قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ويكون إليه رعاية اللَّه وحفظه، وما ناظرت أحدًا إلا ولم أُبالِ إن بين اللَّه الحق على لساني أو لسانه.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: "لأن يبتلى المرء بكل ما نهى اللَّه عنه ما عدا الشرك، خير له من أن ينظر في الكلام، فإني واللَّه اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننته قط" وقال: "ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح".
وقال أبو محمد بن أخت الشافعي عن أمه قالت: ربما قدمنا في ليلة واحدة ثلاثين مرة أو أقل أو أكثر كان المصباح بين يدي الشافعي وكان يستلقي ويتذكر ثم ينادي يا جارية! هلمي المصباح فتقدمه، ويكتب ما يكتب ثم يقول: ارفعيه، فقيل لأبي محمد: ما أراد برد المصباح؟ فقال: الظلمة أجلى للقلب.
وقال الشافعي: استعينوا على الكلام بالصمت وعلى الاستنباط بالفكر. وقال: من وعظ أخاه سرًا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وخانه.