ثُمَّ نَفَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ مَوْقِفُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأُنْزِلَ عَنْ جِذْعِهِ، فَأُلْقِيَ فِي قُبُورِ الْيَهُودِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَأَبَتْ أَنْ تَأْتِيَهُ، فَأَعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولَ لَتَأْتِيَنِّي أَوْ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مَنْ يَسْحَبُكِ بِقُرُونِكِ. قَالَ: فَأَبَتْ، وَقَالَتْ: . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذا ولا يظهر وجهُ كون ([لأمة] شر) خطأً، فإن كان من حيث الرواية فلا مناقشة في ذلك، وأما من حيث المعنى فلا يظهر لنا معنى واضح لهذين الكلامين حتى نعلم كون أحدهما صوابًا والآخر خطأ، والذي يسنح الآن هو أن المراد بقوله: (لأمة أنت شرها) أي: في اعتقادهم وظنهم، فيكون حاصله أن أمة تحكم بكونك شرهم أمة سوء، وبقوله: (لأمة خير) التعريض والاستهزاء، يعني أنهم يظنون كونهم خيرًا وليس الأمر كذلك، هذا ولكن المعنى الأول أظهر، ومع ذلك حكموا بأنه خطًا، ولعل ذلك من حيث الرواية، واللَّه أعلم.
وقوله: (ثم نفذ) أي: مضى وذهب، من قولهم: طريق نافذ: سالك، والنفاذ والنفوذ: جواز الشيء [عن الشيء] والخلوص منه.
وقوله: (فبلغ الحجاج) بالنصب، و (موقف) فاعل (بلغ)، (فأنزل) أي: ابن الزبير (عن جذعه) بكسر الجيم وسكون الذال، أي: الخشبة التي صلب عليها.
وقوله: (فالقي في قبور اليهود) ولم يعرف بمكة قبور اليهود، ولعله كان إذ ذاك، أو أخرج من مكة وأرسل إلى مكان كان فيه قبور اليهود كالمدينة وغيرها، واللَّه أعلم.
وقوله: (لتأتيني) على لفظ المخاطبة الواحدة بإدغام نونها في نون الوقاية، و (يسحبك) أي: يجرك، سحبه: جره على وجه الأرض فانسحب، والمراد بـ (قرونها) ضفائر شعرها.