فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ قَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَعَجِبْنَا لَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخ يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أعْلَمَنَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3904، م: 2382].
5958 - [3] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: "إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مرضه، وقد جاء مصرحًا في رواية، وفي أخرى: كان ذلك قبل أن يتوفى بخمس ليال.
5958 - [3] (عقبة بن عامر) قوله: (صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي: صلاة الجنازة وهو الظاهر، وهذا يؤيد مذهبنا، وقال الشافعي: المراد بالصلاة الدعاء والاستغفار، وليس على الشهيد صلاة الجنازة عنده.
وقوله: (بعد ثمان سنين) أي: من دفنهم.
وقوله: (كالمودّع للأحياء والأموات) توديعه للأحياء ظاهر، وأما توديعه للأموات فلانقطاع دعائه واستغفاره لهم، و (الفرط) بالتحريك: المتقدم إلى الماء، من فرط فروطًا بالضم: سبق وتقدم، كذا في (القاموس) (?)، وفي (الصحاح) (?): هو فعل بمعنى فاعل، مثل تبع بمعنى تابع، يقال: رجل فرط، وقوم فرط، يستوي