وَسَالَ الْوَادِيُّ قَنَاةً شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ ناحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: "اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: حتى صار السحاب محيطًا بآفاق المدينة دونها، وفي (القاموس) (?): الجوب: الترس، والجوبة: الحفرة، والمكان الوطيء، وجاء في رواية: وصارت المدينة كالإكليل.
وقوله: (وسال الوادي قناة) بفتح القاف وتخفيف النون، والمشهور في الرواية بالنصب على الحال، أي: مثل قناة، أو على المصدر، أي: سيلان قناة، والشبه في الدوام والاستمرار والقوة، وعلى هذا لا يتم ما قيل: إن تفسير قناة بالرمح أولى منه بما حفر في الأرض واستنبط منه الماء، ويقال بالفارسية: كاريز، لأنه قلما تبلغ القُنِيُّ في كثرة مائها مبلغ السيول، وظهر أن جعلها تمييزًا على المعنى الأول بمعنى قدر قناة ضعيف لما ذكر، ولأن القُنِيُّ يختلف مقاديرها بحسب اختلاف متابعها وموادها، فيتفاوت تفاوتًا، ويصح على تقدير إرادة الرمح مبالغة، فافهم.
وفي بعض الحواشي: أن قناة علم أرض ذات مزارع بناحية أحد، وأوديتها أحد أودية المدينة المشهورة، وذكروا أن أول من سماه وادي قناة تبع اليماني لما قدم يثرب قبل الإسلام، ولعله من تسمية الشيء باسم ما حاذاه، وقناة في هذه الرواية بالضم على البدل أو البيان. وفي رواية البخاري: حتى سال الوادي وادي قناة (?)، وعلى هذه الرواية قناة مفتوح بغير تنوين.
وقوله: (إلا حدث بالجود) أي: أخبر به، والجود بفتح الجيم وسكون الواو: