حَتَّى نَظَرْتُ إلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الَّذِي نَعَتَهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: أَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الْوَجْنتَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ: "فَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُهُ، فَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِّي"، فَسَأَلَ رَجُلٌ قَتْلَهُ فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: "إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَيَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلَامِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (وفي رواية) أي: بدل (أتاه ذو الخويصرة) في أول هذا الحديث، فهذا نعت ذو الخويصرة، و (غائر) اسم فاعل، والغور بمعنى ذهاب الماء في الأرض، ويقال: غارت عينه، أي: دخلت في رأسه، و (ناتئ الجبهة) أي: مرتفعها من نَتَا عضوُهُ ينتو نتوًّا فهو ناتٍ: ورِمَ.
وقوله: (مشرف الوجنتين) أي: خال الخدين، والوجنة مثلة: الخد.
وقوله: (فيأمنني) أي: يجعلني أمينًا.
وقوله: (من ضئضئ) بكسر الضاد المعجمتين، وقيل: بالمهملتين أيضًا، وبالهمزتين: الأصل، والمراد من الأصل الذي هذا الرجل منه في النسب والمذهب، وليس المراد أنهم يتولدون منه إذ لم يكن في الخوارج قوم من نسل ذي الخويصرة.
وقال التُّوربِشْتِي (?): من ذهب إلى أنهم يتولدون منه فقد أبعد، إذ لم يذكر في الخوارج قوم من نسل ذي الخويصرة، والزمان الذي قال فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا القول إلى أن نابذ المارقة عليًّا -رضي اللَّه عنه- وحاربوه لا يحتمل ذلك، بل معناه من الأصل الذي هو