وَهُوَ قِدْحُهُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (وهو قدحه) تفسير للنضي في البين من كلام الراوي، و (القدح) بالكسر: السهم قبل أن يراش وينصل، والمراد ما بين الريش والنصل.
وقوله: (إلى قذذه) من كلام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مذكور مع أخواته بطريق التعداد، وهو بضم القاف وفتح الذال الأولى جمع قذّة بالضم: ريش السهم.
وقوله: (فلا يوجد فيه شيء) أي: من أثر الصيد من دم ونحوه.
وقوله: (قد سبق الفرث والدم) جملة حالية، والفرث بفتح الفاء وسكون الراء ومثلثة في آخره: السرجين في الكرش، أي: كما نفذ السهم في الرمية بحيث لم يتعلق به شيء من الروث والدم، كذلك دخول هؤلاء في الإسلام ثم خروجهم منه بحيث لم يؤثر فيهم، ولم يظهر علامته منهم.
واستدل بهذا الحديث من كفر الخوارج، وقال الخطابي: المراد بالإسلام والدين هنا طاعة الإمام، وجاء في رواية البخاري ومسلم وابن ماجه: (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر الرامي في النصل فلا يرى شيئًا، وينظر في القدح فلا يرى شيئًا، وينظر في الريش فلا يرى شيئًا، ويتمارى في الفوق هل علق به من الدم شيء)، كذا أورد السيوطي في (جامع الصغير) (?)، والفوق بضم الفاء في آخره قاف: مدخل الوتر من السهم، قال بعض العلماء: هذا إشارة منه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى التوقف في تكفير الخوارج لشبهة الإيمان، وسئل مالك عن أهل الأهواء إكفارهم؟ قال: من الكفر هربوا، وقد يروى مثل هذا عن أمير المؤمنين علي -رضي اللَّه عنه- في شأن الخوارج، واللَّه أعلم.