عَلَيهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوتَهُمْ تُحِيطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ". رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمدْخَلِ" (?). [مسند الشافعي: 1208، الرسالة: 1102].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضي عياض: وذكر عن حماد بن سلمة أنه كان يرويه (يغل) بتخفيف اللام من وغل يغل وغولًا، يقال: وغل الرجل إذا دخل في الشجر وتوارى فيه، وهذه الرواية أيضًا بعيدة باعتبار هذه الخصوصية في مفهوم الوغول، إلا أن يراد به مطلق الدخول، وقد يفهم من بعض الكتب أنه بمعنى الدخول في شيء، فلا استبعاد.
إذا عرفت هذا فاعلم أن معنى الحديث أن المؤمن لا يغل ولا يغش ولا يخون، ولا يدخل في قلبه ميل وزيغ كائنًا على هذه الخصال الثلاث، والمراد أن هذه تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الدغل والخيانة والشر.
و(عليهن) حال، أي: لا يغل قلب مؤمن كائنًا عليها، قدمت لكون ذي الحال نكرة، ثم بين الخصال الثلاث، فأحدها: (إخلاص العمل للَّه) بأن يكون خالصًا له تعالى، لا يشوبه غرض ولا عوض، وشرحه يطلب من كلام السادة الصوفية قدس اللَّه أسرارهم، وثانيها: (النصيحة للمسلمين) عامتهم وخاصتهم وإرادة الخير لهم، وبيانه في شرح قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (الدين النصحية)، وثالثها: لزوم جماعة المسلمين وعدم النفور والخروج والبعد عنها.
وقوله: (فإن دعوتهم) الظاهر أنه تعليل لالتزام جماعة المسلمين.
وقوله: (من وراءهم) بفتح (من) موصولة، وفي بعض النسخ (مِن) بكسرها، والأول هو الأصوب رواية، والمعنى أن دعاء الجماعة قد أحاطت بهم وبمن وراءهم،