فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا وَأَدَّاهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ههنا حسن خلقه ورفعة قدره وعلو منزلته في الدنيا والآخرة، أي: خصه اللَّه بالبهجة والسرور والشرف والقدر؛ لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة ورفع قدر العلم ومنزلته، وكفى باعثًا على طلب الحديث وحفظه وتبليغه فائدة وغناء في الدارين أن يستفاد بركة هذا الدعاء المبارك من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، رزقنا اللَّه.
وقوله: (فحفظها ووعاها) في (القاموس) (?): وعاه يعيه: حفظه وجمعه، كأوعاه فيهما، وقال الطيبي (?): يقال: وعى كلامًا إذا حفظه ودام على حفظه ولم ينسه، انتهى. قيل: وذلك بالتكرار والتذكار، وقيل: بالرواية والتبليغ فيكون عطف (وأدّاها) عليه قريبًا من عطف تفسيري.
وقوله: (فرب حامل ففه غير فقيه) وغير في أصل وضعه للتقليل، وكثر استعماله للتكثير، وهو المناسب ههنا، وغير فقيه صفة لحامل فقه.
وقوله: (ورب حامل فقه إلى من هو أفقه) أي: حامل فقه فقيه أداه إلى من هو أفقه ليفيد ما لا يفقهه الحامل، والفعل المتعلق به (رب) يكون محذوفًا في الأكثر، أي: وجدته وأدركته ونحوهما، وفيه ترغيب وتحريض على رواية الحديث باللفظ، وقد جوز الرواية بالمعنى، والمختار أن العزيمة هو الثقل باللفظ، والنقل بالمعنى رخصة؛ لأن لكل لفظ خصوصية ليس في الآخر وإن كان يرادفه في أصل المعنى، ولكل كلمة مع صاحبتها مقام ليس لها مع غيرها، لا سيما في كلام من هو أفصح