فَقِيلَ لَهُ: إِن هَاهُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيهِ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: أُخْتِي، فَأَتَى سَارَةَ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبُنِي عَلَيْكِ، فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيْهِ أَنَّكِ أُخْتِي، فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الإِسْلَامِ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَأُتِيَ بِهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عزم على الخروج منها، وهاجر إلى الشام، وكونها بنت عمه أيضًا توجيه لكون قوله هذا: (أختي) صدقًا، ولكن الحديث نص على أن الإخبار به باعتبار أخوة الإسلام، ولعله اقتصر عليها لشرفها وأصالتها.
وقوله: (قال: أختي) إنما عدل عن: هي زوجتي مع أن الظاهر أن ذات الزوج لا يتعرض [لها]، وأيضًا الظالم لا يبالي أختًا أو زوجة؛ لأنه كان من عادة ذلك الجبار أن لا يتعرض إلا لذات الزوج، وقيل: لأن ذلك الجبار كان مجوسيًا، وعندهم أن الأخت إذا كانت زوجة كان أخوها أحق بها من غيره، فأراد إبراهيم أن يعتصم بدين ذلك الجبار، فإذا هو لا يراعي دينه، واعترض على هذا القول بأن دين مجوس جاء بـ: زرادشت، وهو متأخر عن إبراهيم، وأجيب بأنه كان قديمًا، إنما زاد عليه زرادشت خرافات أخر، ومعنى (يغلبني عليك) يأخذك مني، وقيل: معناه يكرهني على الطلاق.
وقوله: (ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك) تأكيد وتقرير وبيان للواقع.
وقوله: (فأرسل) أي: ذلك الجبار (إليها) أي: إلى سارة يطلبها، وليس هذا تكرار؛ لأن الإرسال في الأول كان إلى إبراهيم للسؤال عنه من هذه، والثاني إلى سارة لطلبها.