{إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، وقولُهُ: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] وَقَالَ: "بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ، إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى نفسه. وقيل: المراد بكونهما في ذات اللَّه، أي: فيما يتعلق بتنزيه ذاته عن الشرك، ودفع الشريك فلا يشمل الثالثة، وقد يقال: المراد بكونهما في ذات اللَّه ذكرهما في القرآن، عبر به عنه لما لا ينفك الكلام عن المتكلم كما هو رأي الأشعري، ولا يخفى ما فيه من البعد والتكلف.
وتأويل قوله: (إني سقيم) إني متصف بالسقم، في الجملة في زمان من الأزمنة، فأوهم بلفظ ظاهر في ثبوته في الحال، وقيل: أوهمهم بأنه استدل بأمارة علم النجوم على أنه سيسقم ليتركوه كما يدل عليه قوله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 88، 89]، قيل: أراد إني سقيم القلب بكفركم، وأقول: قد فسر الصحة بسلامة جميع القوى، وصدور أفعالها سليمة، والسقم بعدمها بمعنى رفع الإيجاب الكلي، فلا يخلو أحد عن سقم إلا من اعتدل مزاجه من كل الوجوه، وهو نادر الوجود، نعم لو فسر بالسلب الكلي يثبت الواسطة، فافهم. وكان غرضه عليه الصلاة والسلام أن يتركوه فيكسر أصنامهم ويفعل ما أراد.
وقوله: (بل فعله كبيرهم) باعتبار السببية، والمقصود التعريض بأن من لم يقدر على دفع المضرة عن نفسه كيف يليق بأن يعبد، كما أشار إليه بقوله: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: 95]، وقد يوقف على قوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ}، والضمير لأحد ممن يصلح أن يكون فاعلًا، وإن كان لإبراهيم، فليس فيه تصريح مثل ما في: بل فعلته، فافهم.
وقوله: (وقال) أي: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (بينا هو) أي: إبراهيم، بيان للثالثة من الكذبات، و (سارة) زوجة إبراهيم بنت عمه عليه السلام، لما أهلك اللَّه تعالى عدوه نمرود،