وَخَبَّأَ لَه: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، فَقَالَ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ: "اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ". قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتَأْذَنُ لي فِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنْ يَكُنْ هُوَ لَا تُسَلَّطْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أخفيته وسترته، والخباء والخبيء والخبيئة: الشيء المخبوء، أي: المستور، والمروي في الحديث خبيئًا بوزن ضمير كما في رواية الكتاب، وخبء بوزن صعب كما في غيره، ومنه قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ} أي: القطر {وَالْأَرْضِ} [النمل: 25]، أي: النبات، ومقصوده -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذلك أن يحريه ويمتحنه هل يعلم ذلك المضمر أو لا، ليبرز أمره أساحر أو كاهن أو ممن يأتيه جني.
(فقال: هو الدخ) بضم الدال وفتحها بمعنى الدخان، ولم يقدر على الزيادة، وتمام الآية التي أضمرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بهذه اللفظة الناقصة على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات، وهذا إما لكونه -صلى اللَّه عليه وسلم- تكلم في نفسه أو كلمه بعض أصحابه فسمعه الشيطان فألقاه إليه، وقيل: إضماره -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه الآية رمز إلى أن الدجال يقتله عيسى بجبل يقال له: جبل الدخان، فلعله أراد تعريضًا بقتله لأنه قد ظن أنه الدجال.
وقوله: (فقال: اخسأ) كلمة زجر واستهانة، يقال: خسأ الكلب كمنع: طرده خسئًا وخسوءًا، والخاسيء من الكلاب والخنازير: المبعد لا يترك أن يدنو من الناس.
وقوله: (فلن تعدو قدرك) أي: قدرك في إظهار الخبيئات ليس إلا أن تأتي بكلمة ناقصة من كلام طويل، فكيف تدعي النبوة؟ فرده صريحًا بعد امتحانه حتى لا يبقى شبهة عليه وعلى الحاضرين.
وقوله: (إن يكن هو) الضمير المستكن لابن صياد والمنفصل للدجال، أو