وَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَعَلَ قَلْبَهُ وَاعِيًا". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 21310، شعب: 107].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويقر في القلب ما أدركته ورأته، و (القلب) إما مرفوع فاعل (يوعى) ومفعوله محذوف، وهو ضمير راجع إلى (ما)، أي: يوعيه ويحفظه القلب، أو منصوب مفعول (يوعى) وفاعله ضمير فيه راجع إلى (ما)، أي: مقرة لما يجعل القلب وعاء له، و (يوعى) يجيء متعديًا ولازمًا، في (القاموس) (?): وعاه يعيه: حفظه، كأوعاه، وفي (الصحاح) (?): {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} [الانشقاق: 23]، أي: يضمرون في قلوبهم من التكذيب، واعتبروا تشبيه الأذن بالقمع في وصول القول إلى القلب ليعيه.
ثم ذكر فذلكة القرينتين بقوله: (وقد أفلح من جعل قلبه واعيًا) فدلائل الواحدنية إما مسموعة أو مبصرة، فالمسموعة توصلها الأسماع إلى القلب، والمبصرة توصلها الأبصار وتعيها قلوب واعية، كذا ذكروا في شرح هذا الحديث، وهو الموافق للمقصود من الحديث سباقًا وسياقًا، وقد ذكر في (مجمع البحار) (?) نقلًا عن (النهاية) في حديث: (ويل لأقماع القول، ويل للمصرين)، أنه شبه استماع من يسمع القول ولا يعيه ولا يحفظه ولا يعمل به بالأقماع لا تعي شيئًا مما يفرغ فيها، فكأنه يمرّ عليها مجازًا كما يمر الشراب في الأقماع اجتيازًا، فاعتبروا لتشبيه الاستماع بالأقماع في مرور الأقوال إليها وعدم ثبوتها فيها، وليس فيه قصة كون القلب وعاء، فتدبر.