5200 - [46] وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَخْلَصَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلإِيمَانِ، وَجَعَلَ قَلْبَهُ سَلِيمًا، وَلِسَانَهُ صَادِقًا، وَنَفْسَهُ مُطْمَئِنَّةً، وَخَلِيقَتَهُ مُسْتَقِيمَةً، وَجَعَلَ أُذُنَهُ مُسْتَمِعَةً، وَعَيْنَهُ ناظِرَةً، فَأَمَّا الأُذُنُ فَقَمْعٌ، وَأَمَّا الْعَيْنُ فَمُقِرَّةٌ لِمَا يُوعَى الْقَلْبُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إن شاء اللَّه بالمداومة عليه والجد فيه مرتبة التحقيق والتفصيل، فإن الإيمان يقوى بالعمل، ويزداد العمل بالإيمان، وتتعاكس أنوارهما، وباللَّه التوفيق.
5200 - [46] (وعنه) قوله: (من أخلص اللَّه قلبه للإيمان) أي: رزقه إيمانًا خالصًا عن شوب النفاق، (وجعل قلبه سليمًا) عن جميع الذمائم والآفات، وخاليًا عن ذكر ما سواه، (ولسانه صادقًا) فيما يعبر عن أحواله ويخبر عن مقامه من غير كذب وتأويل، (ونفسه مطمئنة) مطيعة عاملة متمثلة لما أمر ونهى من غير أن يستغني بمعرفته عن العمل، (وخليقته) أي: طبيعته التي خلق عليها وجبل، (مستقيمة) واقفة على حد الاستقامة من غير زيغ وميل إلى باطل مما سوى الحق تعالى وتقدس، حافظة للمرات كما يشير إليه قوله: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20] (وجعل أذنه مستمعة) للقول الحق متبعةً للأحسن، وأذن قلبه متلقيةً خطابات الحق في الأحوال، (وعينه ناظرة) إلى دلائل الوحدانية، وشاهدةً لأحدية الحق تعالى، غير زائغة وطاغية بالالتفات إلى ما سواه، وقد جرى القلم في شرح هذا الحديث على طريق أهل الإشارة مع إيماء إلى ما يفيده ظاهر العبارة، وباللَّه التوفيق.
ثم أشار -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أن طريق وصول العلم إلى القلب وحفظه فيه إنما هو السمع والبصر، فالأول بقوله: (فأما الأذن فقمع) والقَمع بالفتح والكسر وكعنب: ما يوضع في فم الإناء فيصب فيه الدهن وغيره، شبه السمع في وصول القول منه إلى القلب في وعيه إياه بالقمع، والثاني بقوله: (وأما العين فمقرة لما يوعى القلب) أي: يثبت