فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: تأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 2696].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في سالف الزمان فلا بعد، لكن الذي يتبادر إلى الذهن هو ذكره على سبيل الفرض والتمثيل، واللَّه أعلم.
وقوله: (فجعل ينقر أسفل السفينة) ليأخذ الماء أو ليبول.
وقوله: (ولا بد لي من الماء) أي: من شربه واستعماله على الوجه الأول، أو من طرحه وإلقائه على الوجه الثاني؛ (فإن أخذوه على يديه) لئلا ينقر السفينة نجا ونجوا، وإلا هلك وهلكوا، فكذلك إن منع الناس العاصي من العصيان نجوا من عذاب اللَّه ونجا، وإن تركوه يفعل المعاصي ولم ينهوه عن ذلك نزل عليه العذاب بعصيانه وعليهم بالمداهنة أو بشؤم معصيته، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، وإنما كرر الفعل في (أنجوه ونجوا أنفسهم)، و (أهلكوه وأهلكوا أنفسهم) إشارة إلى أن كل واحد من الفريقين مستقل ومستبد في النجاة والهلاك وارتفاع العذاب ونزوله، فافهم، فالذي في أعلى السفينة مثل للمدهن في الحدود، والذي في أسفلها مثل للواقع فيها، والأخذ باليد للنهي، ونجاة الناهي والمنهي لفائدة النهي، وهلاكهما لعاقبة تركه، وإنما جمع فرقة النهاة ووحّد الناقر إشارة إلى أن المسلمين لا بد أن يتعاونوا على النهي، كذا قال الطيبي (?)، ويمكن أن يقال: وإلى أن المعصية ينبغي أن تكون أقل وقوعًا بين المسلمين.