قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ: "لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا" فَتَرَكُوهُ فَنَقَصَتْ، قَالَ: فَذَكرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ؛ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2362].

148 - [9] وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا، فَقَالَ: يَا قَوْمِ! إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

مفسرًا بذلك في الحديث.

وقوله: (قالوا: كنا نصنعه) أي: من قبل قدومك، وهو عادتنا، وله فائدة ما، فإنه إذا لم نصنع ذلك نقصت، ولكنهم لم ينسبوا الفائدة تأدّبًا اكتفاءً في الجواب.

وقوله: (قال) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا) قال ذلك برأي منه من غير أن يوحى إليه في ذلك شيء، فإنه رأى أمرًا من أمور الجاهلية غير معقول تأثيره في الزيادة والنقصان من غير نظر إلى أن له خاصية بجريان العادة، ولذا لم يمنعهم عن ذلك جزمًا، يعني ليس لي بأمثال هذا من أمور الدنياوية التفات وغرض، إذ ليس مما يتعلق به سعادة الدنيا والآخرة، إنما منعتكم عنه بمقتضى ظاهر رأي، ولعلي أخطئ فيها بمقتضى البشرية، وإنما المهتم من شأني بيان الأمور المتعلقة بالدين، فإذا أمرتكم بشيء منها فخذوه واعملوا به، وأما إذا أوحي إلي في شيء فيجب العمل، فافهم.

148 - [9] (أبو موسى) قوله: (وإني أنا النذير العريان) وهو مثل سائر بين العرب قبل البعث، وإنما تكلم به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ضربًا للمثل لإفهامهم بَيِّنًا لكونه مشهورًا بينهم، وإنما خص النذير بالعريان مبالغة في الأنذار وحجة على صدق قوله؛ لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015