فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَين عَيْنَيْهِ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ -أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ- قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: يَا رَبِّ زِدْ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: ذَلِكَ الَّذِي كَتَبْتُ لَهُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (فإذا فيهم رجل أضوؤهم) أظهر اللَّه تعالى داود على آدم عليهما السلام بنوع من الامتياز في الظهور والنورانية ليحمله على السؤال ويترتب عليه ما ترتب من قصة عمره وجحوده، وليس المراد بأضوئيته زيادة في صفات الكمال بأسرها، ولعله كان في صورة داود عليه السلام نوع من الضوء والنورانية في ذلك العالم أو في الدنيا أيضًا يمتاز به عن سائر إخوانه من النبيين، وكل من الأنبياء يختص بصفة ويمتاز، وليس يلزم من ذلك فضله على سائر الأنبياء.
وقد بين الرواية الثانية أعني من أضوئهم أن الأضوئية مشتركة بينه وبين طائفة من الأنبياء، ولا يجب أن يكون الباعث على سؤاله عن حال داود ورؤيته إياه ممتازًا عن الكل بل اتفق بوقوع نظره عليه قصدًا، ولا يفهم هذا المعنى من لفظ هذا الحديث على ما ذكر في أول الكتاب في (باب الإيمان بالقدر): (وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصًا من نور، فرأى رجلًا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه)، فليفهم.
وقوله: (وقد كتبت له عمره أربعين سنة) قال الطيبي (?): نصب (أربعين) على المصدر على تأويل: كتبت له أن يعمر أربعين سنة، ويمكن أن يضمن (كتبت) معنى الجعل، وفي بعض النسخ: (عمر أربعين) بدون الضمير، والإضافة بيانية.
وقوله: (قال: أي رب) ذكر في بعض المواضع: (أي)، وفي بعضها: (يا) إشارة