وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَاركَةٌ، ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (وكلتا يدي ربي يمين مباركة) من كلام آدم، أو من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولهم في شرح هذا القول معان وتأويلات:

أحدها: أن الثابت له يد صفة لا يد جارحة، وهذه العبارة كناية عن نفي اليد الجارحة؛ لأنه لو كانت لكانت يمينًا وشمالًا، وقد أشار في آخر الكلام أن المراد وجود الخير والبركة التي هي لازمة لليد اليمين ومادة استقامة، فافهم.

وثانيها: أن الشمال تكون ناقصة في القوة والبطش، فكنى بكون كلتيهما يمينًا نفي النقصان عن صفاته تعالى، وأن صفاته كلها كاملة.

وثالثها: أن آدم لما قال: اخترت يمين ربي قال: وكلتا يدي ربي يمين، أراد به الشكر على جميع نعمه، وأن له الفضل والنعمة، وأن جميع ما بيده فضل وطول؛ دفعًا لما يتوهم من الاختيار وترجيح صفاته اللطفية على القهرية.

ورابعها: أنه أراد به وصف اللَّه تعالى بغاية الجود والكرم والإحسان والتفضل؛ لأن العرب تقول لمن ينفع مطلقًا: كلتا يديه يمين، ولمن يضر: جعل سهمه بالشمال، ولمن لا ينفع ولا يضر: ليس فلان باليمين ولا بالشمال.

وخامسها: أن اليد تطلق على القدرة والنعمة، وعلى الأول اليدان عبارة عن خلق الهدى والإيمان والضلال والكفر، وعلى الثاني عن منح الألطاف وتيسر الهدى للمهتدي، وكل من ذلك عدل وحكمة؛ لأنه عزيز يتصرف في ملكه ما يشاء، حكيم يعلم ما يخفى على من سواه، يضل من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم.

وقوله: (فإذا فيها آدم وذريته) أي: مثلهم في عالم الغيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015