. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لمن لم يكن له درجة التوكل أن يراعي الأسباب، فإن لكل شيء من الموجودات خاصية وأثرًا أودعها فيه الحكيم جل وعلا، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في (شرح نخبة الفكر) (?): الأولى في وجه الجمع بينهما أن يقال: إن نفيه -صلى اللَّه عليه وسلم- للعدوى باقٍ على عمومه، وقد صح قوله: (لا يعدي شيء شيئًا)، وقوله: (فمن أعدى الأول) يعني أن اللَّه سبحانه ابتدأ بذلك في الثاني كما ابتدأه في الأول، وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع، لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير اللَّه سبحانه ابتداء، لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى، فيقع في الحرج، فأمر بتجنبه حسمًا للمادة، واللَّه أعلم، هذا كلام

الشيخ في الشرح.

وقال في حاشيته: أكل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع المجذوم حيث كان يعلم أن لا يصيب شيء إلا بإذن اللَّه، وكان آمنًا من أن يقع في مثل هذا الظن لو أصابه مكروه، والأمر ليس إلا لمن لا يجد في نفسه صدق اليقين، ويتوهم أن تحدثه نفسه بشيء لو أصيب شفقة عليه وأخذًا بحجزته من الوقوع في بحر الشرك الخفي، جزاه اللَّه عنه خير الجزاء، وأعطاه الوسيلة والفضيلة واللواء -صلى اللَّه عليه وسلم- وشرف وكرم، انتهى.

وقال الكرماني (?): إن الجذام مستثنى من قوله: (لا عدوى)، وقال البغوي: إن الجذام ذو رائحة يسقم من أطال صحبته ومؤاكلته ومضاجعته، وليس من العدوى بل من باب الطب كما يتضرر بأكل ما يعاف وشم ما يكره، والمقام في مقام لا يوافق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015