. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أعدى الأول؟ وبيّن بقوله: (فر من المجذوم)، وبقوله: (لا يوردن ذو عاهة على مصح)، أن مداناة ذلك من أسباب العلة فليتقه اتقاءه من الجدار المائل والسفينة المعيوبة، وهذا الذي ذكره الشيخ ابن الصلاح تبعًا لغيره من العلماء في وجه الجمع من أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن اللَّه تعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببًا لإعدائه مرضه، ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب.
وقال التُّورِبِشْتِي (?): وأرى هذا القول أولى التأويلين؛ لما فيه من التوفيق بين الأحاديث الواردة فيه، والقول الأول يفضي إلى تعطيل الأصول الطبية، ولم يرد الشرع بتعطيلها، بل ورد بإثباتها، والعبرة بها على وجه لا يناقض أصول التوحيد، ولا يناقض في القول بها على الوجه الذي ذكرناه، ويدل على صحة ما ذكرناه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- للمجذوم المبايع: (قد بايعناك فارجع) (?)، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- للمجذوم الذي أخذ بيده فوضعها معه في القصعة: (كل ثقة باللَّه وتوكلًا عليه) (?)، ولا سبيل إلى التوفيق بين هذين الحديثين إلا من هذا الوجه، فبين بالأول التوقي من أسباب التلف، وبالثاني التوكل على اللَّه في متاركة الأسباب ليثبت بالأول التعرض للأسباب وهو سنته، وبالثاني ترك الأسباب وهو حاله.
وقال الطيبي (?) في حديث الفرار ونحوه: هذا إرشاد إلى رخصة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-