ولكنه كان يخرج إلى بعض المواضع في بعض الأوقات والأحوال، ويخدم ويزور بعض الأحباب والأصحاب من أهل الخير، ويتبرك بصحبتهم، ويتشرف بخدمتهم مأمونًا عن وصمة الغير ولحوق الضير (?).
وكان من وصاياه أيضًا أن يستفيد الطالب من كل مفيد، وقال: شأن طالب الحق أن يستفيد من كل مفيد، ويفيد كل مستفيد، ولا يغلق باب المطلب، ولا يسدّ طريق الاستفادة على نفسه (?).
* * *
إن اللَّه سبحانه وتعالى أراد أن يكون الشيخ المحدث ناشرًا للحديث الشريف تدريسًا وتأليفًا، وهذا العمل الجليل يحتاج إلى هدوء وعزلة، ولهذا أوصاه العالم الرباني الشاه أبو المعالي القادري اللاهوري (ت: 1024 هـ) بأن يجتنب الاختلاط، وأكد عليه اختيار العزلة، سأل الشيخُ المحدثُ عن سر ذلك فلم يجب الشيخ أبو المعالي عن هذا، والشيخ المحدث يذكر وصيته هكذا:
ثم سلط اللَّه عليّ يا سيدي رجلًا من أهل سلسلتنا من عشاق الحضرة الجيلانية، ومجذوبًا سكرانًا بشراب المحبة العرفانية، فجبرني وقهرني وألزمني الخلوة والعزلة والانفراد، ومنعني من الدخول على الناس والتردد إلى بيوتهم وصحبتهم، ولو كان مع الفقراء والصالحين من العباد، وجدّ في ذلك وبالغ ولم يتسامح قطعًا، وقال: يا هذا لا يطلب منك عمل غير هذا، وقال: ولا أقول: إنه ذلك من عند نفسي، وإنما هو أمر