. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

من النار فليطفئها عنه بالماء، فليستنقع نهرًا جاريًا ليستقبل جرية الماء) الحديث، مضى في الفصل الثالث من (باب العيادة)، فهذه الأحاديث صريحة في أن التبريد شامل للاغتسال، ولما كان المراد هنا الحمى الصفراوية التي تعرض لأهل المزاج الحار اشتد التبريد بحسب اشتداد الحرارة الصفراوية.

ونقل الطيبي (?) أن معنى الحديث تبريد الحمى الصفراوية بسقي الماء البارد ووضع أطراف المحموم فيه، فإنما أمر بإطفاء الحمى وتبريدها بالماء على هذا الوجه دون انغماس الماء وغط الرأس، والأطباء يسلمون أن الحمى الصفراوية يبرد صاحبها بسقي الماء البارد الشديد البرودة، ويسقونه الثلج، ويغسلون أطرافه بالماء البارد.

وقد ذكر مسلم في (صحيحه) (?) عن أسماء أنها صبت الماء في جيب المرأة الموعوكة وقالت: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (ابردوها بالماء)، فهذه أسماء راوية الحديث مع قربها من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تأول الحديث على نحو ما قلناه، وأما ما روينا عن الترمذي فشيء خارج عن القواعد الطبية داخل في قسم المعجزات، ألا ترى كيف قال: (صَدِّق رَسُولَكَ)، وفي آخره: (بإذن اللَّه)، انتهى.

وأما الرش فيقول هذا القائل: إنه ليس صريحًا في الغسل بل في نحو ما قال، وأما اغتساله -صلى اللَّه عليه وسلم- فليكن من خصائصه، هذا والإنصاف أنه لما سلم القائل سقي الماء والثلج وصبه على المحموم، وغسل أطرافه بالماء البارد الشديد البرودة، فلو اشتد على ذلك لجاز الاغتسال أيضًا، واكتفاء أسماء بالسقي والصب من هذه الجهة وهو ظاهر، واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015