. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وزعم بعضهم أن حديث جابر دال على التحريم لقوله: (رخص) لأن الرخصة استباحة المحظور مع قيام المانع، فدل على أنه رخص لهم بسبب المخمصة التي أصابتهم بخيبر، فلا يدل ذلك على الحل المطلق.

وأجيب بأن أكثر الروايات جاءت بلفظ الإذن، كما في رواية مسلم، وفي رواية له: أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش، ونهانا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الحمار الأهلي، وعند الدارقطني من حديث ابن عباس: نهانا -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الحمر الأهلية وأمر بلحوم الخيل، فدل على أن المراد بقوله: (رخص): أذن، ونوقض أيضًا بالإذن في أكل الخيل، ولو كانت رخصة لأجل المخمصة لكانت الحمر الأهلية أولى بذلك لكثرتها وعزة الخيل حينئذٍ، فدل على أن الإذن في أكل الخيل إنما كان للإباحة العامة لا بخصوص الضرورة.

وقد نقل عن مالك وغيره من القائلين بالتحريم: أنهم احتجوا للمنع بقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8]، وقرروا ذلك بأوجه:

أحدها: أن اللام للتعليل، فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك؛ لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر، فإباحة أكلها يقتضي خلاف ظاهر الآية.

ثانيها: عطف البغال والحمير، فدل على اشتراكهما معهما في حكم التحريم، فيحتاج من أفرد حكم ما عطف عليها إلى دليل.

ثالثها: أن الآية سيقت مساق الامتنان، فلو كان ينتفع بها في الأكل لكان الامتنان به أعظم، والحكيم لا يمتن بأدنى النعم ويترك أعلاها، ولا سيما وقد وقع الامتنان بالأكل في المذكورات قبلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015