فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ خَلأَتِ القَصْواءُ! خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ! فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (فلما أتى ذا الحليفة. . . إلخ)، موضع قريب من المدينة وهو ميقات أهلها، وعرف في (كتاب الحج) في (باب حجة الوداع).
وقوله: (حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها) أي: ينزل على أهل مكة من تلك الثنية، وهي الجبل الذي عليه الطريق.
وقوله: (بركت) أي: قعدت، و (حل حل) بمهملة مفتوحة ولام خفيفة: كلمة زجر للبعير، وحثه على السير، والثانية تأكيد في الزجر، حلحل بالإبل، قال لها: حل حل، وحلحلهم: أزالهم عن مواضعهم وحرّكهم فتحلحلوا.
وقوله: (خلأت القصواء) اسم ناقته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي في الأصل الناقة المقطوع طرف أذنها، ولم تكن ناقته -صلى اللَّه عليه وسلم- مقطوعة الأذن، بل كان في أذنها سمت في أصل الخلقة سميت بها لأجل ذلك، وأقول: قد قال في (القاموس) (?): القصية: الناقة الكريمة النجيبة الْمُبْعَدَةُ عن الاستعمال، فيمكن أن تكون القصواء مأخوذًا بهذا المعنى ولعله لم تجئ القصواء بهذا المعنى، وإنما جاء من القصا بمعنى حذف في طرف أذن الناقة والشاة كما يفهم من عبارة (القاموس)، وخلأت الناقة كمنع بمعنى بركت أو حَرَنت فلم تبرح، وكذلك الجمل، أو خاص بالإناث، وقد يقال: خلأ الرجل: لم يبرح مكانه، كذا في (القاموس) (?).