. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اقض حاجتي وأعط سؤلي إنك أنت المعطي الكريم، أو ينادي هذا العبد المكرم المقرب عند اللَّه تعالى ويقول: يا عبد اللَّه ويا وليه اشفع لي وادع ربك وسله أن يعطيني سؤلي ويقضي حاجتي، فالمعطي والمسؤول عنه والمأمول به هو الرب تعالى وتقدس، وما العبد في البين إلا وسيلة، وليس القادر والفاعل والمتصرف إلا هو، وأولياء اللَّه هم الفانون الهالكون في فعله تعالى وقدرته وسطوته، لا فعل لهم ولا قدرة ولا تصرف لا الآن ولا حين كانوا أحياء في دار الدنيا، فإن صفتهم الفناء والاستهلاك ليس إلا، ولو كان هذا شركًا وتوجهًا إلى غير اللَّه كما يزعمه المنكر، فينبغي أن يمنع التوسل وطلب الدعاء من الصالحين من عباد اللَّه وأوليائه في حالة الحياة أيضًا، وليس ذلك مما يمنع فإنه مستحب مستحسن شائع في الدين، ولو زعم أنهم عزلوا وأخرجوا من الحالة والكرامة التي كانت لهم في الحياة فما الدليل عليه؟ أو شغلوا عن ذلك مما عرض لهم من الآفات بعد الممات فليس كليًّا، ولا دليل على دوامه واستمراره إلى يوم القيامة، غايته أنه لم تكن هذه المسألة كلية، وفائدة الاستمداد عامة، بل يمكن أن يكون بعض منهم منجذبًا إلى عالم القدس ومستهلكًا في حضرة الإله بحيث لا يكون له شعور وتوجه إلى عالم الدنيا وتصرف وتدبير فيه كما يوجد من اختلاف أحوال المجذوبين والمتمكنين من المشايخ في الدنيا.
وأما نفي ذلك مطلقًا وإنكاره كليًّا فكلا، ولا دليل على ذلك أصلًا، بل الدلائل قائمة على خلافه، نعم إن كان الزائرون يعتقدون أهل القبور متصرفين مستبدين قادرين من غير توجه إلى حضرة الحق والالتجاء إليها كما يعتقده العوام الجاهلون الغافلون، وكما يفعلون غير ذلك من تقبيل القبر، والسجود له، والصلاة إليه، مما وقع منه النهي والتحذير، وذلك مما يمنع ويحذر منه، وفعل العوام لا يعتبر قط، وهو خارج عن