. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

إلى الدنيا والتحسر على إضلال أخلائهم إياهم كما قال: {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [الفرقان: 28]، وإذا كان لهم علم بأصحابهم وأقرانهم يوم القيامة ففي البرزخ أولى وأقرب، وبالجملة الكتاب والسنة مملوءان بأخبار تدل على وجود العلم للموتى بالدنيا وأهلها، فلا مجال لإنكاره إلا لجاهلٍ بالأخبار أو منكرٍ للدين.

وأما الاستمداد بأهل القبور فقد أنكره بعض الفقهاء، فإن كان الإنكار من جهة أنه لا سماع لهم ولا علم ولا شعور بالزائر وأحواله فقد ثبت بطلانه، وإن كان بسبب أنه لا قدرة لهم ولا تصرف في ذلك الموطن حتى يمدوا بل هم محبوسون عن ذلك، ومشتغلون بما عرض لأنفسهم من المحنة ما شغلهم عمن عداهم فلا يرى ذلك كليًّا، خصوصًا في شأن المتقين الذين هم أولياء اللَّه تعالى، فيمكن أن يحصل لأرواحهم عند الرب تعالى من القرب في البرزخ والمنزلة والقدرة على الشفاعة والدعاء وطلب الحاجات لزائريهم المتوسلين بهم كما يحصل يوم القيامة، وما الدليل على نفي ذلك؟ وقد فسر البيضاوي (?) قوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} إلى قوله: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: 1 - 5] بصفات النفوس الفاضلة حال المفارقة فإنها تنزع عن الأبدان غرقًا أي: نزعًا شديدًا من إغراق النازع في القوس فتنشط إلى عالم الملكوت وتسبح فيه، فتسبق إلى حظاير القدس، فتصير لشرفها وقوتها من المدبرات، وما أدري ما المراد بالاستمداد والإمداد الذي ينفيه المنكر، والذي نفهمه نحن أن الداعي المحتاج الفقير إلى اللَّه يدعو اللَّه ويطلب حاجته من فضله تعالى، ويتوسل بروحانية هذا العبد المقرب المكرم عنده تعالى، ويقول: اللهم ببركة هذا العبد الذي رحمته وأكرمته وبما لك به من اللطف والكرم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015