. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ولم يجوِّزه قوم ومنهم الشافعي وقال: لا يجوز أن يغزو بجعل وأوجب ردَّه إن أخذَ، ومعنى الحديث عندهم أن يحمل الجاعل على المجهِّزِ للغازي والمعين له من غير استئجار وشرط.

وقال التُّورِبِشْتِي (?) -وهو من الحنفية-: لم يرد بالجاعل في هذا الحديث المستأجِرَ ولا بالمجعولِ له الأجيرَ، ولهذا ذكره بلفظ الجعل لا بلفظ الإجارة، وعبَّرَ عن المجعول له بالغازي لا بالأجير، وإنما أراد بالجاعل الذي يتبرَّع بشيء يعطيه من ماله لمن يستعين به على الجهاد وينفقه على نفسه وعياله، ثم ذكر أن للمجعول له أجرًا وهو أجر الغزو، وللجاعل أجرين: أجرًا على ما بذل من المال، وأجرًا على ما حرَّضَ وحثَّ عليه من القتال حتى شارك الغزاة، انتهى.

يعني أخذ الأجرة على الجهاد وإن كان جائزًا عند الحنفية فذلك إنما هو رخصة منهم في أصل الجواز وعدم وجوب الرد كما هو مذهب الشافعي، ولكن ليس فيه غزو وأجر، بل الظاهر أنه مع وجود الجواز يكون مكروها لأخذ الأجرة على الطاعة كما يفهم من عبارة (الهداية) (?) في كراهة أخذ الإمام الجُعلَ من الناس على الجهاد، ما دام [فيءٌ] في بيت المال بدليل حديث أبي أيوب الآتي الدالِّ على حصره في كونه أجيرًا، يعني: لا غازيًا ومجاهدًا، وحديث يعلى بن أمية الناطقِ بأنه لا أجرَ له في الدنيا وهو السهمُ، ولا في الآخرة وهو الثوابُ.

فعلى ما ذكروا ليس في حديث ابن عمر حجة للحنفية على جواز أخذ الأجرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015