كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يَصْرِفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2654].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (كقلب واحد) المراد أنه تعالى يقدر على جميع الأشياء دفعة واحدة، وليس المراد أن التصرف في القلب الواحد أسهل، أو هذا باعتبار ما عند الناس من أن التصرف في شيء واحد أهون عليهم من التصرف في قلوب كثيرة، وإلا فبالنسبة إليه تعالى الكل سواء.
وقوله: (ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) قاله تعليمًا للأمة، وتأدّبًا للحضرة الإلهية، وطلبًا للثبات والدوام، وهو كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، والظاهر أن صيغة المتكلم مع الغير شامل للأمة؛ لأنه ليس محل تعظيم النفس، اللهم إلا أن يجعل صيغة الجمع لغاية التضرع والابتهال كأنه جعل نفسه بمنزلة جماعة الفقراء والمحتاجين، فافهم، فإنه من متخيلات هذا المسكين.
وقوله: (اللهم) أصله: يا اللَّه، عوضت الميم عن حرف النداء ولذلك لا يجتمعان، وهو من خصائص هذا الاسم كدخول (يا) عليه مع لام التعريف، وقطع همزته، وقيل: أصله يا اللَّه أَمِّنَّا بخير، فخفف بحذف حرف النداء ومتعلقات الفعل وهمزته، كذا قال البيضاوي (?)، والاسم المذكور بعده منادى ثان عند سيبويه، فإن الميم عنده يمنع وصفه، وعند الزجاج أنه صفة فإنه قال: كما لا تمتنع الصفة مع يا فلا تمتنع مع الميم، وأقول: ههنا مانع آخر من الوصفية فإن قوله: (مصرف القلوب) نكرة لكون الإضافة غير مختصة، اللهم إلا أن يراد بالوصف ههنا ما يعمّ البدل وعطف البيان في مقابلة كونه منادى ثانيًا.