. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا أسلم.

وثانيهما: مذهب الخلف المتأخرين، وهو تأويلها بما يناسب المقام ويشعر بتعظيم جناب الحق تعالى وتقدس، وهذا أحكم.

وبعضهم فرق بين هذا القسم المذكور في هذا الحديث وبين السمع والبصر واليد وأمثالها، فهذه تحمل على ظاهرها وتجري بلفظه الذي ورد من غير تشبيه بمسميات الجنس على ما هو مذهب السلف، وأما ما نحن فيه وأمثالها فيجب تخريجه على ما يناسب المقام من المعنى؛ لأنها ليست من أقسام الصفات بل ألفاظ متشاكلة أريد بها المعاني المجازية، كذا ذكر التُّورِبِشْتِي (?)، ولا يخلو عن شيء، فتدبر.

وبالجملة الحديث محمول على ضرب من التمثيل، والمراد منه الاستظهار في القدرة وسرعة نفوذ الأمر والتصرف على مقتضى العلم والمشيئة كما يقال: فلان في قبضتي، أي تحت قدرتي، فلان بين إصبعي أقلبه كيف أشاء، أي: أقدر على قهره والتصرف فيه على أيِّ وجه شئت، ولما كان منشأ الإيمان والكفر والطاعة والمعصية وسائر أفعال العبادِ القلوبَ نسبه إليها.

وأما تثنية الإصبع فيقال: المراد صفتا الجلال والإكرام، أعني القهر واللطف، فبالأول يقلبها إلى المعصية، وبالثاني إلى الطاعة.

وقوله: (من أصابع الرحمن)، إنما أضاف إلى هذا الاسم لشمول رحمته تعالى وغلبتها مع أن غضب الحليم أشد فيشمل قسمي التصرف، فافهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015