إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ الآخَرُ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ: "تَكَلَّمْ" قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيتُ مِنْهُ بِمِئَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِئَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَأَمَّا ابْنُكَ فَعَلَيْهِ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ فَاغْدُ إِلَى امْرَأَةِ (?) هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا"،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(اقض بيننا بكتاب اللَّه) مبني على أنه كان في كتاب اللَّه آيةُ الرَّجمِ، ثم نُسِخت تلاوته، فصح القول بأنه كتاب اللَّه، وقيل: المراد بكتاب اللَّه هنا حكمه، وإنما قالا: اقض بيننا بكتاب اللَّه فجاءا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليحكم به.
وقوله: (إن ابني كان عسيفًا على هذا) أي: أجيرًا، وإنما قال: على هذا لما يتوجه على المستأجر من الأجرة، ولو قال: عسيفًا لهذا ليصح أيضًا، لما يتوجه للمستأجر عليه من الخدمة.
وقوله: (ثم إني سألت أهل العلم) يدل على جواز الاستفتاء والإفتاء في زمانه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن غيره لعدم القدرة على سؤاله عنه لمانع.
وقوله: (وتغريب عام) التغريب داخل في الحد عند بعض العلماء، وعندنا هو سياسة وتعزير مفوَّض إلى رأي الإمام ومصلحته. و (أنيس) بلفظ التصغير اسم رجل