فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حجة الوداع، وقد وقع في رواية الشيخين عن أبي هريرة من غير تعيين: هل قاله في الحديبية أو في حجة الوداع؟ قالوا: لم يقع في شيء من طرقه التصريح بسماعه لذلك من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو وقع لقطعنا بأنه كان في حجة الوداع؛ لأنه شهدها ولم يشهد الحديبية، كذا في (المواهب) (?)، فتدبر. واللَّه أعلم.
وقوله: (فلما كان يوم التروية) وهو اليوم الثامن من ذي الحجة؛ لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعد، أو لأن إبراهيم عليه السلام كان يتروّى ويتفكر في رؤياه فيه، كذا في (القاموس) (?).
وقوله: (توجهوا) أي: قصدوا التوجه (إلى مني فأهلوا) أي: أحرموا، ومنى كإلى وقد تصرف؛ سميت لما يمنى بها من الدماء، وعن ابن عباس: لأن جبرئيل عليه السلام لما أراد أن يفارق آدم قال له: تمن، قال: أتمنى الجنة؛ فسميت مني لأمنية آدم، والذهاب إلى مني والبيتوتة فيها ليس عندنا واجبًا بل سنة.
وقوله: (وركب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) الحج راكبًا أفضل، خصوصًا على الإبل، و (نمرة) بفتح النون وكسر الميم: اسم موضع قرب عرفات، وهو منتهى أرض الحرم، وكأنه بين الحل والحرم، وعرفات من الحل، وقيل: اسم جبل شبهوه بالنمرة، حيوان معروف فيه النُّمرة، بالضم: النكتة بأيِّ لون كان، والأنْمَر ما فيه نمرة، كما قالوا: جبل ثور، لمشابهته به في الشكل.