الشَّهِيدُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من العلماء، وأما على معنى بعث الرسل إلى الأمم فكأن العبد يبعث من نفسه داعيًا بالخير إلى جوارحه وقواه، وأما بعث الهمة إلى البِر فظاهر.
اللهم ابعث قلوبنا الموتى من أجداث أجسادنا، وأحيها بالحياة الحقيقية الأبدية، وابعث من نفوسنا داعي الخير وباعث البر، وذلك أقصى مرادنا.
وقوله: (الشهيد) من الشهود وهو الحضور، ويرجع إلى معنى العليم، فإنه تعالى عالم الغيب والشهادة، والغيب عبارة عما بطن، وهو الذي لا يشاهد، والشهادة عما ظهر وهو الذي يشاهد، فإذا اعتُبر العلمُ مطلقًا فهو العليم، وإذا أضيف إلى الغيب والأمور الباطنة فهو الخبير، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد.
وقيل: الشهيد مبالغة الشاهد، بمعنى: أن اللَّه تعالى يشهد على الخلق يوم القيامة، وهذا راجع إلى المعنى الأول؛ لأنه تعالى يشهد عليهم في ذلك اليوم بما علم وشاهد منهم. ويمكن أن يكون بمعنى الشاهد على وحدانيته؛ لقوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18]، أو الشاهد على أخذ الميثاق من النبيين بالإيمان والنصر لرسولٍ جاءهم مصدق لما معهم كما هو منطوق قوله تعالى: {وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [الأنبياء: 56].
والتخلق بالمعنى الأول يرجع إلى ما ذكر في معنى العليم والخبير.
وأما المعني الثاني فبأن يسعى العبد بتحصيل التزكية والتصفية والعدالة أن يصير من أهل الشهادة، وأن ينخرط في سلك المخاطبين بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]، ويصير من أولي العلم الشاهدين على وحدانية الحق تعالى، وعلى ميثاق اللَّه بأنبيائه وخاصةِ عباده، فافهم.
اللهم ارزقنا الإيمان بغيبك، والاطِّلاع على شهادتك، واجعلنا من أهل الشهود