. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جهرًا وكلٌّ على ذكره ففيه من إساءة الأدب بالتخليط وغيره مما لا يَسُوغ في حديث الناس فضلًا عن ذكر اللَّه سبحانه.
وتأويل الذكر بالعلم مرة وبذكر الآلاء أخرى بعيد خلاف الظاهر، وتأويل التسبيح والتكبير والتحميد بالتذاكر في التوحيد وصفاته تعالى أبعد، والنصوص محمولة على ظواهرها ما لم يصرف عنها الدليل.
ثم الجهر بالذكر مشروع بلا شبهة؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ومن ذكرني في بلاء) كما سيأتي، ومن أدلته {كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200]. قال ابن عباس: ما كنت أعرف انصراف الناس من الصلاة على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بالذكر، رواه البخاري (?). والجهرُ في ذكر العيد وفي أدبار الصلوات وبالثغور وفي الأسفار حتى قال عليه الصلاة والسلام: (ارْبَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا) (?)، ومضمون (اربعوا) يدل على أن المنع للشفقة عليهم لا لعدم الجواز، وقد جهر -صلى اللَّه عليه وسلم- بأذكار وأدعية في مواطن جمة وكذا السلف، وكل هذه دالة على الجهر والجمع، لكن في قضايا مخصوصة يكون وجودها مستنَدًا لا دليلًا؛ لاحتمال قصرها على ما وقعت فيه، فمن نظر إلى المعنى والعلة أجازها على العموم، ومن نظر إلى الخصوص قصرها على مواردها، والأول أوفق بمطالب الشرع ومقاصدها، فظهر مما ذكر صحة ما استحسن بعض المشايخ من الصوفية من الاجتماع للذكر أو الحزب الواحد، والتحليق لذلك، ومنه حديث: (حِلَقُ الذكر).