. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وذكر القلب نوعان، أحدهما: أرفع الأذكار وأجلُّها وهو التفكر في عظمة اللَّه وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في أرضه وسماواته، ومنه الذكر الخفي في الحديث: (خير الذكر الخفيُّ)، والثاني: ذكره بالقلب عند الأمر والنهي.

وعند مشايخ الطريقة الذكر نوعان: قلبي ولساني، وأثر القلبي أقوى وأعظم من اللساني، بل الذكر القلبي هو الذكر في الحقيقة، وحقيقة الذكر عندهم نسيان ما سوى اللَّه أخذًا من قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24]، والقياس على الطلاق والعتاق غير صحيح، فإنهما اسمان لما هو باللسان، وقد عرف في الشرع أن حكمهما لا يترتب بدون فعل اللسان، وكذلك القراءة، وليس كذلك الذكر، ولعلهم أرادوا أن المعتبر في الأذكار والأوراد الواردة في الشرع فضائلُه كالتسبيح أدبار الصلوات، وفي الصلوات وأمثالها، يترتب ثوابها عليها أن يكون بحيث يحصل بها اللفظ وإسماع النفس كما في القراءة، يدل على ذلك كلام الجزري في (الحصن الحصين)، وأما أن الذكر بالقلب لا يسمى ذكرًا أصلًا، ولا يحصل به ثواب ذكر اللَّه تعالى، فذلك محل نظر، واللَّه أعلم.

ثم إنهم قالوا: ليس الذكر منحصرًا في التسبيح والتهليل والتكبير، بل كل مطيع للَّه سبحانه في عمل فهو ذاكر في امتثال أمر اللَّه، وأفضل الذكر القرآن إلا فيما شُرِعَ لغيره، وقد ورد: (أفضل الذكر لا إله إلا اللَّه)، وهو جزء من القرآن، وقد اختار المشايخ هذه الفوائد ونتائج تحصل منه يعرفها أرباب هذا الشأن.

ثم إنه قد ثبت بالأحاديث المذكورة في الباب ويغيرها من الأحاديث فضل الاجتماع للذكر والتسبيح والتحميد والتكبير، والظاهر أنه يكون على ذكر واحد، فإنه إن كان كل واحد على ذكر على حِدَةٍ، فإن كان سرًّا فجدوى الاجتماع غير ظاهرة، وإن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015