فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ: شَتَمْتُهُ لَعَنْتُهُ جَلَدْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْم الْقِيَامَة". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6361، م: 2609].
2225 - [3] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يقُلْ: اللهُمَّ اغفِرْ لِيْ إِنْ شِئتَ، ارْحمْني إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَلِيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّه يفعلُ مَا يَشَاء وَلَا مُكْرِهَ لَهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 7477].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المبالغة في الطلب والقبول وتحقيق الرجاء، كأنه عهد لا ينقض، ووعد لن يخلف، ولا يخيب الرجاء فيه.
وقوله: (فإنما أنا بشر) يعني: فأغضب نادرًا في بعض الأحيان بحكم البشرية التي أُبقيت في حصة منها لحكمة إلهية تقتضي ذلك.
وقوله: (آذيته: شتمته. . . إلخ)، يحتمل أن يكون كل من الأربعة مستقلة، وأن يكون الثلاثة الأخيرة تفصيلا للأولى، وذكرها بطريق التعداد، وذكر ما يقابلها بالعطف بقصد معارضة كل واحدة من تلك الأمور هذه الخصائلَ من غير قصد اللف والنشر، و (الصلاة) الرحمة، و (الزكاة) الطهارة والبركة، و (القربة) ما يتقرب به إلى اللَّه سبحانه، وهذه رأفته -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمسيء، فما حال المحسن، فالمراد من يستحق الأذية ومن لا يستحقها، وهذا أبلغ، ويحتمل أن يكون المراد من لا يستحق، واللَّه أعلم.
2225 - [3] (وعنه) قوله: (وليعزم مسألته) أي: ليطلبها جازمًا من غير شك وتردد.
وقوله: (إنه يفعل ما يشاء ولا مكره له) تعليل لترك ذكر المشيئة، يعني: أنه عبث، وهو في الحقيقة ثابت؛ فإنه سبحانه فاعل مختار يفعل ما يشاء، ويستجيب دعاءه إن شاء ويمنع إن شاء، ولكنه بفضله وكرمه وعد الاستجابة، فينبغي للعبد أن يتيقن بذلك، وبنور اليقين ينشرح الصدر ويتنور القلب، والشك والريب ظلمة.