. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها ما جاء من حفظ عشر آيات من أول سورة البقرة، ومنها ما أخرجه ابن أبي داود (?) من طريق أبي الغالب (?) عن أبي بن كعب أنهم جمعوا القرآن، فلما انتهوا إلى الآية التي في سورة براءة: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 127] ظنوا أن هذا آخر ما نزل، فقال أبي: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرأني بعد هذا آيتين {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} إلى آخر السورة، وغير ذلك من الأحاديث.
وقال مكي وغيره: ترتيب الآيات في السورة بأمر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقال البغوي في (شرح السنة) (?): الصحابة جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزل اللَّه على رسوله من غير أن زادوا أو نقصوا شيئًا؛ خوف ذهاب بعضه بذهاب حفظته، فكتبوه كما سمعوا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير أن قدموا شيئًا أو أخروه، أو وضعوا له ترتيبًا لم يأخذوه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يلقن أصحابه ويعلمهم ما أنزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفها بتوقيف جبرئيل إياه على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقيب آية كذا في سورة كذا، فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه؛ فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، أنزله اللَّه جملة إلى السماء الدنيا، ثم كان ينزله مفرقًا عند الحاجة، فترتيب النزول على غير ترتيب التلاوة.
وقال ابن الحصّار: ترتيب السور ووضع الآيات موضعها إنما كان بالوحي، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا، وقد حصل اليقين من النقل