. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[يونس: 71] أي: من لم ينو الصوم من الليل فلا صيام له، وفي رواية: (من لم يبيّت الصيام)، وهذا حديث صحيح رواه الخمسة (?)، ورواه الدارقطني (?) وقال: رجال إسناده كلهم ثقات، وظاهره أنه لا يصح الصوم بلا نية من الليل فرضًا كان كصوم رمضان والكفارة والقضاء والنذر أو نفلًا، وهو مذهب مالك رحمه اللَّه، فيشترط التبييت في كل صوم نظرًا إلى عموم الحديث، وبه قال الشافعي وأحمد -رحمهما اللَّه- في غير النفل، ثم عند أحمد في بعض الروايات تبطل النية إن عمل بعدها في الليل ما ينافي الصوم من الوطء والأكل والشرب، والصحيح عند أصحابه أنها لا تبطل.
وأما النفل فيجوز عندهما بنية في نصف النهار الشرعي، وهو قبل الزوال، بل يجوز عند الشافعي بعده لكونه مبنيًا على النشاط كجواز صلاة النفل قاعدًا مع القدرة على القيام، ولعله ينشط بعد الزوال إلا أن من شرطه الإمساك في أول النهار، ويصير صائمًا من حين نوى، ويتجزى الصوم عند الشافعي، كذا عند أحمد في المختار من مذهبه، فهما خصصا النفل من هذا الحديث، لأن مبناه على التخفيف، وتمسكا في ذلك بحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: دخل عليّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم فقال: (هل عندكم شيء؟ ) قلنا: لا، فقال: (إني صائم)، وجاء في بعض الروايات قالت: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يأتيني [فيقول: ] (أعندك غداء؟ ) فأقول: لا، فيقول: (إني صائم)، وأوله المالكية بأنه إخبار منه -صلى اللَّه عليه وسلم- بصومه السابق على السؤال الذي نواه من الليل، وهو خلاف الظاهر جدًا من كلمة الفاء في قوله: (فإني صائم)، ويبطله ما جاء في رواية أخرى صحيحة عند مسلم: (إني إذن صائم) وإذن للاستقبال، والمذهب عندنا أنه يجوز صوم رمضان