. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنه كان يواصل خمسة عشر يومًا، وذكر معه بعض الصحابة، ومن التابعين عبد الرحمن ابن أبي يعمر وعامر بن عبد اللَّه بن الزبير، وإبراهيم التيمي، وأبو الجوزاء، كما نقله أبو نعيم في (الحلية) (?)، كذا ذكر في (المواهب اللدنية) (?)، ومن حجتهم ما روي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- واصل بأصحابه بعد النهي وأقرهم على ذلك، فعلم أنه أراد بالنهي الرحمة لهم والتخفيف عنهم لا التحريم كذا قيل.
لكن روي عن أبي هريرة أنه (?) قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الوصال في الصوم، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم رأوا الهلال، فقال: (لو تأخر لزدتكم)، كالتنكيل لهم، يدل على أن مقصوده -صلى اللَّه عليه وسلم- من تركهم على المواصلة يومًا أو يومين تأكيد زجرهم وبيان المصلحة في نهيهم وإظهار المفسدة عن الوصال، وهي الملل من العبادة والتعرض للتقصير في بعض وظائف الدين من القوة في الصلاة وإتمام أركانها وأدائها، والخشوع فيها لحصول الضعف والتواني، وتعلق الباطن بالطعام والشراب، ويحتج أيضًا بأقدام الصحابة عليه بعد النهي، فدل على أنهم فهموا أن النهي للتنزيه لا للتحريم، وهو لا ينافي الجواز، ويفهم من هذا أن القول بالجواز ليس مطلقًا، بل مع الكراهة ولو تنزيهًا، كذا قيل، لكن يفهم من كلام بعضهم أنهم واصلوا بعدما رأوه -صلى اللَّه عليه وسلم- يواصل، وقالوا: إنك تواصل فنهاهم عن ذلك، فكان وصالهم قبل النهي، واللَّه أعلم.
واختار أحمد وابن وهب وإسحاق جواز الوصال إلى السحر لحديث أبي سعيد عند البخاري (?) أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل