مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خبر مبتدأ محذوف، وهذا هو الأظهر.
وقوله: (من كان اللَّه ورسوله أحب إليه مما سواهما) استشكل ههنا بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذم الخطيب الذي جمع بين ضمير اللَّه ورسوله، كما أخرجه مسلم (?) عن عدي بن حاتم: أن رجلًا خطب عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: من يطع اللَّه ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (بئس الخطيب قل: ومن يعص اللَّه ورسوله)، وأكثر الشراح على أن وجه كراهة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الخطيب هو الجمع بين ضمير اللَّه ورسوله الذي يقتضي التسوية، فأمره بتقديم اسم اللَّه وعطف رسوله عليه المشعر بالتبعية والفرعية، فكيف جمع ههنا؟
وأجيب بأن القول بأن وجه الكراهة هو الجمع بين الضميرين غير مسلم؛ لأن اقتضاء التسوية محل بحث؛ لوقوع هذا الجمع والتشريك في مثل هذه العبارة في خطبته -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما أورده صاحب (سفر السعادة) من حديث أبي داود والترمذي والنسائي عن ابن مسعود، وقد وقع مثل التشريك المذكور في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]، بل السبب في الذم المذكور اقتصاره على هاتين الكلمتين مع سلوك طريق الاختصار في الضميرين، بل اللائق بشأن الخطيب في أمثال هذه المقاصد البسط والتفصيل والتطويل وعدم الملال من ذلك، كما وقعت في خطبته -صلى اللَّه عليه وسلم- التي وقع فيها هاتان الكلمتان.
وقيل: سبب الذم أن ذلك الخطيب وقف على قوله: (ومن يعصهما) ووصله بقوله: (فقد رشد)، وذلك يوهم عطفه على من يطع اللَّه ورسوله، ووقوع (فقد رشد)